بين الأمس واليوم

1_بمنزلنا _يوم كانت التكنولوجيا صبية في حجر أمها _قناة تلفزيونية واحدة تدعى "اليتيمة " ،تجمعنا _افراد العائلة ،لكن عندما كبرت التكنولوجيا و أصبحت شابة فاتنة الجمال ،أصبح في بيتنا ألاف القنوات والأنترنت ،والعشرات من الهواتف الخلوية ،أصيبت عائلتي بمرض التوحد مشردة ،يطاردها التشتت والعزلة حيثما حلت وإرتحلت . _2_يوم كانت الطبيعة رفيقة الإنسان ،كان أخي يخرج في الصباح ولا أراه إلا في المساء، بل ولا أسأل عنه ،وتتأخر أختي ولا أقلق من تأخرها ،كانت الطبيعة تملؤنا دفئا وأمنا ومحبة ،تحتمي كل من يرتمي في أحضانها ،أما اليوم فقد حلت محلها التكنولوجيا ،وبحكم طبيعتها الجامدة والجافة ،أصبح الهاتف لا يفارقني ولا يفارق أحد من أفراد أسرتي الصغيرة ،من يتأخر دقيقة يقع تحت رحمة المكالمات من كل مكان! _3_في الأربعينات من القرن الماضي كانت الزاوية _قبلة العلم والعلماء _على بعد عشر أميال نقطعها مشيا على الأقدام ،شتاء تحت وابل المطر وصيفا تحت رحمة الحر الشديدة ،في السبعينات إقتربت المدرسة الى ثلاثة أميال نقطعها شتاءا أو صيفا على متن الحافلة ،من والى البيت ،أما في قرن الواحد والعشرين أصبحت المدرسة على بعد عشرات الأمتار نقطعها على متن سيارة فخمة ،وننتظر الأطفال في المؤسسة خوفا من المجهول _4_إرتميت في أحضان جدي ذات ليلة مقمرة ،ونحن في فناء البيت نتبادل الحكايات ،فقلت: يا جدي ، صف لي ألعابك يوم كنت في سني ،وأيهما كانت أشد قربا إليك ؟؟ قال جدي ؛إنها لعبة (طب قق طلح) (بالأمازغية تعني نضجت فاكهة التين )،نضع حبة التين فوق حجر ،ندور حولها ،ونغني طب قق طلح )،من يأكل حبة التين هذه سيعاقب بالضرب ،وكثيرا ما كنت أختطفها ،فيشبعني أصدقائي ضربا !قلت :ما أسعدك يا جدي !لقد كرهت كل هذه اللعب التي تملأ غرفتي ،وأحببت أن ألعب لعبتكم! 5 كنت ألعب مع أمي حين ناداني والدي ،وطلب مني الحضور إليه بسرعة ،إعتقدت أنها لعبة جديدة أو هدية ما ،أو مفاجأة تنتظرني ،أسرعت إليه وطلبت منه الإفصاح ،قال:من الأن فصاعدا لن تذهب الى المدرسة ،بل ستأتيك هي إلى البيت !قلت :لم أفهم يا أبي ،قال:تأخذ حاسوبك إلى غرفتك ،وتتصل بمعلمك الذي يقدم لك الدرس بالشرح والإيضاح في البيت ، ولا حاجة لك في المدرسة ذهابا وإيابا كل يوم ،قلت :وأصدقائي ،والراحة بين الدروس نجري ونلهو ونصرخ ،والإستيقاظ باكرا ،وتوديع أمي ،ألم تفكر في كل ذلك ؟؟؟......الصحفي اسماعيل رزايقي _نقلته dalya bella _